كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُرْتَدُّ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الْبَكْرِيِّ فِي كَنْزِهِ، فَإِنْ أَسْلَمَ مُعْسِرًا بَعْدَ اسْتِطَاعَتِهِ فِي الْكُفْرِ فَلَا أَثَرَ لَهَا إلَّا فِي الْمُرْتَدِّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَالِاسْتِطَاعَةُ، وَهِيَ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا اسْتِطَاعَةُ مُبَاشَرَةٍ) لَوْ اسْتَطَاعَ مُبَاشَرَةَ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ دُونَ الْآخَرِ بِحَيْثُ لَوْ أَتَى بِأَحَدِهِمَا عَجَزَ عَنْ مُبَاشَرَةِ الْآخَرِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ الْإِتْيَانُ بِهِ إلَّا بِاسْتِنَابَةِ غَيْرِهِ فَهَلْ يَتَخَيَّرُ فِي الْمُبَاشَرَةِ بَيْنَهُمَا أَوْ تَجِبُ مُبَاشَرَةِ الْحَجِّ الَّذِي يَظْهَرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْحَجَّ أَفْضَلُ وَأَعْظَمُ وَأَعَمُّ إحْيَاءً وَلِهَذَا لَا يَحْصُلُ بِالْعُمْرَةِ الْإِحْيَاءُ الْوَاجِبُ وَلِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَى وُجُوبِهِ بِخِلَافِ الْعُمْرَةِ.
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فِي اسْتِطَاعَةِ الْحَجِّ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ وَجَدَ مُؤَنَ الذَّهَابِ وَأَيَّامِ الْحَجِّ إلَى وَقْتِ النَّفْرِ وَالْعَوْدِ عَقِبَ النَّفْرِ فَقَطْ بِحَيْثُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْعُمْرَةِ عَقِبَ النَّفْرِ عَجَزَ عَنْ الْعَوْدِ أَوْ قَدَّمَهَا عَلَى الْحَجِّ لَمْ يُدْرِكْهُ أَوْ عَجَزَ عَنْ الْعَوْدِ فَهَلْ تَجِبُ الْعُمْرَةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَعَ الْحَجِّ، فَإِنْ وَجَبَتْ مَعَهُ فَيُشْكِلُ لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِ لَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ فَلَمْ يَكْفِ اسْتِطَاعَتُهُ الْحَجَّ لَهُمَا.
(قَوْلُهُ: أَيْ: مَا ذُكِرَ) إلَى قَوْلِهِ وَأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُرْتَدُّ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الْبَكْرِيِّ، فَإِنْ أَسْلَمَ مُعْسِرًا بَعْدَ اسْتِطَاعَتِهِ فِي الْكُفْرِ فَلَا أَثَرَ لَهَا إلَّا فِي الْمُرْتَدِّ انْتَهَتْ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ اسْتَطَاعَ) أَيْ: فِي رِدَّتِهِ نِهَايَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْحُرِّيَّةُ) أَيْ كُلًّا فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُبَعَّضِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ وَنَوْبَةُ الْمُبَعَّضِ فِيهَا تَسَعُ الْحَجَّ ع ش وَشَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: مَعَ مَا مَرَّ فِيهِ) أَيْ: فِي شَرْحٍ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ مِنْ زِيَادَةِ شُرُوطِ الْوُقُوعِ عَنْ النَّذْرِ.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى جُمْلَةِ أَنَّ الْمَرَاتِبَ إلَخْ وَعَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَجْهُ عِلْمِهِ مِمَّا ذُكِرَ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَاضِحٌ فِي اسْتِطَاعَةِ الْحَجِّ) أَيْ: بِأَنْ يَقْرُنَ وَإِلَّا فَلَا يَتَّضِحُ فِيهَا أَيْضًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ وَقْتِ الْحَجِّ إلَخْ) قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْجَمَّالِ فِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ وَكَذَا اسْتِطَاعَةُ الْعُمْرَةِ وَحْدَهَا فِي وَقْتِ الْحَجِّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَكِّيِّ إذْ يُمْكِنُ أَنْ يَجِدَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْإِتْيَانِ بِهَا مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ دُونَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْوُصُولِ بِعَرَفَةَ وَلَوْ قَرَنَ بَلْ وَلِغَيْرِهِ أَيْضًا، خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ صَنِيعُ التُّحْفَةِ وَشَرْحِ الْمُخْتَصَرِ انْتَهَى. اهـ. مُحَمَّدٌ صَالِحٌ الرَّئِيسُ.
(وَهِيَ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا اسْتِطَاعَةُ مُبَاشَرَةٍ وَلَهَا شُرُوطٌ) ظَاهِرُهُ بَلْ صَرِيحُهُ كَسَائِرِ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِقُدْرَةِ وَلِيٍّ عَلَى الْوُصُولِ إلَى مَكَّةَ وَعَرَفَةَ فِي لَحْظَةِ كَرَامَةٍ، وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ بِالْأَمْرِ الظَّاهِرِ الْعَادِيِّ فَلَا يُخَاطَبُ ذَلِكَ الْوَلِيُّ بِالْوُجُوبِ إلَّا إنْ قَدَرَ كَالْعَادَةِ ثُمَّ رَأَيْت مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ، وَهُوَ مَا سَأَذْكُرُهُ أَوَاخِرَ الرَّهْنِ أَنَّهُ لَابُدَّ فِي قَبْضِهِ مِنْ الْإِمْكَانِ الْعَادِيِّ نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِمَا يُمْكِنُ مِنْ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ وَلِهَذَا لَمْ يَلْحَقْ مَنْ تَزَوَّجَ بِمِصْرَ امْرَأَةً بِمَكَّةَ فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْعَقْدِ وَتَعَقَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِكَلَامٍ لِابْنِ الرِّفْعَةِ أَوَّلْته بِمَا حَاصِلُهُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا فَعَلَ الشَّيْءَ كَرَامَةً تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ كَمَا لَوْ حَجَّ هُنَا أَمَّا أَنَّهُ يُكَلَّفُ بِفِعْلٍ يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَرَامَةً فَلَا لِإِطْبَاقِهِمْ كَمَا قَالَ الْيَافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ التَّنَزُّهُ عَنْ قَصْدِ الْكَرَامَةِ وَفِعْلِهَا مَا أَمْكَنَهُ (أَحَدُهَا وُجُودُ الزَّادِ وَأَوْعِيَتِهِ) حَتَّى السُّفْرَةِ أَيْ مَثَلًا (وَمُؤْنَةِ) نَفْسِهِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي (ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ) أَيْ أَقَلَّ مُدَّةٍ يُمْكِنُ فِيهَا ذَلِكَ بِالسَّيْرِ الْمُعْتَادِ الْآتِي مِنْ بَلَدِهِ مَعَ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ الْمُعْتَادَةِ بِمَكَّةَ وَهَذَا عَامٌّ بَعْدَ خَاصٍّ وَحِكْمَةُ ذِكْرِ الْخَاصِّ وُرُودُهُ فِي الْخَبَرِ الَّذِي صَحَّحَهُ جَمْعٌ وَضَعَّفَهُ آخَرُونَ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ السَّبِيلِ فِي الْآيَةِ فَقَالَ: الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ».
(وَقِيلَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِبَلَدِهِ أَهْلٌ) هُمْ مِمَّنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ (وَعَشِيرَةٌ) هِيَ بِمَعْنَى أَوْ؛ لِأَنَّ وُجُودَ أَحَدِهِمَا كَافٍ فِي الْجَزْمِ بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ وَهُمْ أَقَارِبُهُ مُطْلَقًا (لَمْ تُشْتَرَطْ) فِي حَقِّهِ (نَفَقَةُ) عَبَّرَ بِهَا بَعْدَ تَعْبِيرِهِ بِمُؤْنَةٍ لِيُبَيِّنَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ هُوَ مَفْهُومُ الْمُؤْنَةِ الْأَعَمُّ فَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُهُ بِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالنَّفَقَةِ قَاصِرٌ (الْإِيَابِ) أَيْ قُدْرَتُهُ عَلَى مُؤْنَةٍ مِنْ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ لِاسْتِوَاءِ كُلِّ الْبِلَادِ إلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَرَدُّوهُ بِمَا فِي الْغُرْبَةِ مِنْ الْوَحْشَةِ وَمَشَقَّةِ فِرَاقِ الْوَطَنِ الْمَأْلُوفِ بِالطَّبْعِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ لَهُ وَطَنٌ وَنَوَى الرُّجُوعَ إلَيْهِ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَيَظْهَرُ ضَبْطُهُ بِمَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ فَمَنْ لَا وَطَنَ لَهُ وَلَهُ بِالْحِجَازِ مَا يُقِيتُهُ لَا تُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ مُؤْنَةُ الْإِيَابِ قَطْعًا لِاسْتِوَاءِ سَائِرِ الْبِلَادِ إلَيْهِ وَكَذَا مَنْ نَوَى الِاسْتِيطَانَ بِمَكَّةَ أَوْ قُرْبِهَا.
(وَلَوْ) لَمْ يَجِدْ مَا ذُكِرَ لَكِنْ (كَانَ يَكْسِبُ) فِي السَّفَرِ (مَا يَفِي بِزَادِهِ) وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُؤَنِ (وَسَفَرُهُ طَوِيلٌ) أَيْ مَرْحَلَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ (لَمْ يُكَلَّفْ الْحَجَّ)، وَإِنْ كَانَ يَكْسِبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ كِفَايَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ فِي اجْتِمَاعِ تَعَبِ السَّفَرِ وَالْكَسْبِ مَشَقَّةً شَدِيدَةً عَلَيْهِ (وَإِنْ قَصَرَ) سَفَرُهُ بِأَنْ كَانَ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ (وَهُوَ يَكْسِبُ فِي يَوْمٍ) أَوَّلَ مِنْ أَيَّامِ سَفَرِهِ وَوَقَعَ فِي نُسْخَةٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَهِيَ وَهْمٌ (كِفَايَةَ أَيَّامٍ كُلِّفَ) السَّفَرَ لِلْحَجِّ مَعَ الْكَسْبِ فِيهِ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَأَطَالَ لِانْتِفَاءِ الْمَشَقَّةِ حِينَئِذٍ فَعُدَّ مُسْتَطِيعًا وَبَحَثَ ابْنُ النَّقِيبِ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَيَّامٍ أَقَلُّ الْجَمْعِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَالْإِسْنَوِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ.
وَصَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخَائِرِ أَنَّ الْمُرَادَ أَيَّامُ الْحَجِّ وَقَدَّرَهَا بِمَا يَقْرُبُ مِمَّا قَدَّرَهَا بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّهَا مَا بَيْنَ زَوَالِ سَابِعِ الْحِجَّةِ وَزَوَالِ ثَالِثَ عَشْرَةَ أَيْ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَنْفِرْ النَّفْرَ الْأَوَّلَ وَكَانَ وَجْهُ اعْتِبَارِ زَوَالِ السَّابِعِ وَمَا بَعْدَهُ أَيْ إنْ أَرَادَ الْأَفْضَلَ أَنَّهُ يَأْخُذُ حِينَئِذٍ فِي اسْتِمَاعِ خُطْبَةِ الْإِمَامِ وَأَسْبَابِ تَوَجُّهِهِ مِنْ الْغُدُوِّ إلَى مِنًى وَالثَّالِثَ عَشَرَ أَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ الْأَفْضَلَ، وَهُوَ إقَامَتُهُ بِمِنًى وَوَاضِحٌ أَنَّهُ لَابُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى مُؤْنَةِ أَيَّامِ سَفَرِهِ إلَى مَكَّةَ ذَهَابًا وَرُجُوعًا وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا أَوَّلَ قُدْرَتِهِ عَلَى أَنْ يَكْتَسِبَ بَعْدَهُ أَوْ فِي الْحَضَرِ مَا بَقِيَ فِي الْكُلِّ فَلَا يَلْزَمُهُ قَصُرَ السَّفَرُ أَوْ طَالَ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ؛ لِأَنَّ تَحَصُّلَ سَبَبِ الْوُجُوبِ لَا يَجِبُ وَمِنْ ثَمَّ نَقَلَ الْجُورِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ اكْتِسَابَ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ لَا يَجِبُ.
فَإِنْ قُلْت لَمْ يَتَّضِحْ الْفَرْقُ بَيْنَ إلْزَامِهِ الْكَسْبَ فِي أَوَّلِ السَّفَرِ لَا فِي الْحَضَرِ بَلْ قَدْ يُتَخَيَّلُ أَنَّ إلْزَامَهُ الْكَسْبَ فِي الْحَضَرِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ بِهِ مَشَقَّتَا السَّفَرِ وَالْكَسْبِ بِخِلَافِ ذَاكَ قُلْت بَلْ الْفَرْقُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ أَوَّلَ سَفَرِهِ عُدَّ مُسْتَطِيعًا لَهُ وَلَا كَذَلِكَ قُدْرَتُهُ فِي الْحَضَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ بِهَا مُسْتَطِيعًا لِلسَّفَرِ بَلْ مُحَصِّلًا لِسَبَبِ الِاسْتِطَاعَةِ بِالسَّفَرِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ تَحْصِيلَ سَبَبِ الْوُجُوبِ لَا يَجِبُ فَاتَّضَحَ الْفَرْقُ وَالْإِجْمَاعُ الْمَذْكُورُ وَغَلِطَ مَنْ أَخَذَ مِنْ هَذَا الْإِجْمَاعِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ اكْتِسَابُ نَحْوِ الزَّادِ سَفَرًا وَلَا حَضَرًا وَيُعْتَبَرُ فِي الْعُمْرَةِ الْقُدْرَةُ عَلَى مُؤْنَةِ مَا يَسُنُّهَا غَالِبًا، وَهُوَ نَحْوُ نِصْفِ يَوْمٍ مَعَ مُؤْنَةِ سَفَرِهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَهَذَا عَامٌّ بَعْدَ خَاصٍّ) الْإِرْشَادُ إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَمُؤْنَةَ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَقِيلَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِبَلَدِهِ إلَخْ) وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ عَدَمِ مَسْكَنٍ لَهُ بِبَلَدِهِ وَوَجَدَ فِي الْحِجَازِ حِرْفَةً تَقُومُ بِمُؤَنِهِ وَإِلَّا اُشْتُرِطَتْ مُؤْنَةُ الْإِيَابِ جَزْمًا شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَعَشِيرَةٍ) خَرَجَ الْمَعَارِفُ وَالْأَصْدِقَاءُ.
(قَوْلُهُ: هِيَ بِمَعْنَى أَوْ؛ لِأَنَّ وُجُودَ أَحَدِهِمَا كَافٍ) قَدْ يُقَالُ الْوَاوُ تَصْدُقُ بِإِفَادَةِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّفْيَ الدَّاخِلَ عَلَى مُتَعَدِّدٍ صَادِقٌ بِنَفْيِ كُلٍّ فَلَا حَاجَةَ لِجَعْلِهَا بِمَعْنَى أَوْ فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ: هُوَ مَفْهُومُ الْمُؤْنَةِ الْأَعَمُّ) قَدْ يُقَالُ هَذَا الْمَفْهُومُ بِخُصُوصِهِ لَا يُفْهَمُ مِنْ التَّعْبِيرِ الْمَذْكُورِ بَلْ قَدْ يَسْبِقُ أَنَّ الْمُرَادَ مَفْهُومُ النَّفَقَةِ الْأَخَصُّ؛ لِأَنَّ كَوْنَ اللَّاحِقِ تَفْسِيرًا لِلسَّابِقِ أَقْرَبُ مِنْ الْعَكْسِ وَهَذَا قُصُورٌ قَطْعًا وَلَمْ يَنْدَفِعْ فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ: كُلِّفَ السَّفَرَ لِلْحَجِّ مَعَ الْكَسْبِ) لَا يُقَالُ الْوَاجِبُ السَّفَرُ لَا الْكَسْبُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَصَّلَ الْمُؤْنَةَ بِنَحْوِ اقْتِرَاضٍ حَصَلَ الْمَقْصُودُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِوُجُوبِ السَّفَرِ وَالْكَسْبِ وُجُوبَ فِعْلِ ذَلِكَ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ عَلَى التَّرَاخِي بَلْ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الِاسْتِقْرَارُ وَلَوْ اعْتَبَرْنَا الْكَسْبَ أَيْضًا لَمْ يَتَأَتَّ الِاسْتِقْرَارُ إذْ هُوَ حِينَئِذٍ غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَوَاضِحٌ أَنَّهُ لَابُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى مُؤْنَةِ أَيَّامِ سَفَرِهِ إلَى مَكَّةَ ذَهَابًا وَإِيَابًا) قَدْ يُفْهَمُ مِنْ قُوَّةِ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَى كَسْبِ الْمُؤْنَةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ مُؤْنَةِ أَيَّامِ الْحَجِّ فِي يَوْمٍ وَفِي الْعُبَابِ وَوَجَدَ كِفَايَةَ مَنْ يُمَوِّنُهُ ذَهَابًا وَعَوْدًا وَقَدَرَ أَنْ يَكْسِبَ فِي كُلِّ يَوْمٍ كِفَايَةَ أَيَّامِ الْحَجِّ وَفِي شَرْحِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمَجْمُوعِ كِفَايَتُهُ وَكِفَايَةُ عِيَالِهِ أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ وَوَجَدَ كِفَايَةَ مَنْ يُمَوِّنُهُ إلَخْ الْمُقْتَضِي أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ وُجُودِ تِلْكَ الْكِفَايَةِ مِنْ غَيْرِ الْكَسْبِ غَيْرُ مُرَادٍ لِمَا عَلِمْت مِنْ عِبَارَةِ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ تَحْصِيلُهَا مِنْ كَسْبٍ لَزِمَهُ أَيْضًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: قُلْت بَلْ الْفَرْقُ ظَاهِرٌ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ لِلْعَارِفِ الْمُتَأَمِّلِ الْمُنْصِفِ، فَإِنْ قُلْت لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْفَرْقِ، وَإِنْ عَدَّهُ مُسْتَطِيعًا فِي الْأَوَّلِ وَعَدَمُ عَدِّهِ كَذَلِكَ فِي الثَّانِي مُجَرَّدُ دَعْوَى لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا بَلْ، تَحَكُّمٌ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ كَانَ يَقْدِرُ فِي الْحَضَرِ عَلَى أَنْ يَكْتَسِبَ فِي يَوْمٍ مَا يَكْفِيهِ لَهُ وَلِلْحَجِّ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الِاكْتِسَابُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ تَفَقُّهًا إنْ كَانَ السَّفَرُ قَصِيرًا لَزِمَهُ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا أَلْزَمُوهُ بِهِ فِي السَّفَرِ فَفِي الْحَضَرِ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ طَوِيلًا فَكَذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ. اهـ. وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ فِي الطَّوِيلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِبْ الِاكْتِسَابُ لِإِيفَاءِ حَقِّ الْآدَمِيِّ فَلِإِيجَابِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، بَلْ لِإِيفَائِهِ أَوْلَى وَالْوَاجِبُ فِي الْقَصِيرِ إنَّمَا هُوَ الْحَجُّ لَا الِاكْتِسَابُ وَلَوْ قِيلَ إنَّ الْمُرَادَ فِي الطَّوِيلِ ذَلِكَ فَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ فِي الْقَصِيرِ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ غَالِبًا. اهـ.
وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ الْإِجْمَاعُ الْمَذْكُورُ لِحَمْلِهِ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ قُلْت كَانَ وَجْهُ الْفَرْقِ وَعَدُّهُ مُسْتَطِيعًا فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي إمْكَانَ شُرُوعِهِ حَالًا فِي السَّفَرِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي لِتَوَقُّفِ الشُّرُوعِ عَلَى الِاكْتِسَابِ وَتَحْصِيلِ الْمُؤْنَةِ قَبْلَهُ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ هَذَا التَّوَقُّفُ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِطَاعَةَ كَمَا لَمْ يَمْنَعْهَا تَوَقُّفُ شُرُوعِ ذِي الْمَالِ عَلَى شِرَاءِ الْمُؤَنِ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ، وَكَوْنُ الْحَجِّ لَا بَدَلَ لَهُ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ أَيْ بِخِلَافِ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ، فَإِنَّ لَهُ بَدَلًا، وَهُوَ التُّرَابُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (اسْتِطَاعَةَ مُبَاشَرَةٍ) أَيْ: لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بِنَفْسِهِ (وَلَهَا شُرُوطٌ) أَيْ: سَبْعَةٌ وَغَالِبُهَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَتْنِ وَلَكِنْ الْمُصَنِّفُ عَدَّهَا أَرْبَعَةً مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِقُدْرَةِ وَلِيٍّ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ، وَإِنْ اخْتَارَ الشَّيْخُ الطَّبَلَاوِيُّ الْوُجُوبَ عَلَيْهِ ع ش وَوَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ: النَّصُّ الْمَذْكُورُ.
(قَوْلُهُ: مَنْ تَزَوَّجَ بِمِصْرَ إلَخْ) فِيهِ إيجَازٌ وَأَصْلُ التَّعْبِيرِ وَلَدُ امْرَأَةٍ بِمَكَّةَ بِمَنْ تَزَوَّجَهَا بِمِصْرَ فَوَلَدَتْهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَتَعَقَّبَهُ إلَخْ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى الْقَاضِي، وَإِنَّمَا قَالَ بِكَلَامٍ إلَخْ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِهِ؛ لِأَنَّ التَّنْكِيرَ لِلتَّحْقِيرِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: حَمَلَهُ) أَيْ كَلَامَ ابْنِ الرِّفْعَةِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ حَجَّ هُنَا) أَيْ: فَيَسْقُطُ عَنْهُ نُسُكُ الْإِسْلَامِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وُجُودُ الزَّادِ إلَخْ) أَيْ: الَّذِي يَكْفِيهِ وَلَوْ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى السُّفْرَةِ) إلَى قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَحِكْمَةُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَعَبَّرَ إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى السُّفْرَةِ) هِيَ طَعَامٌ يَتَّخِذُهُ الْمُسَافِرُ وَأَكْثَرُ مَا يُحْمَلُ فِي جِلْدٍ مُسْتَدِيرٍ فَنُقِلَ اسْمُ الطَّعَامِ إلَى الْجِلْدِ وَسُمِّيَ بِهِ وَلِلْجِلْدِ الْمَذْكُورِ مَعَالِيقُ تَنْضَمُّ وَتَنْفَرِجُ فَلِلِانْفِرَاجِ سُمِّيَتْ سُفْرَةً؛ لِأَنَّهَا إذَا حَلَّتْ مَعَالِيقُهَا انْفَرَجَتْ فَأَسْفَرَتْ عَمَّا فِيهَا كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.